أعلنت شركة بايتدانس، المالكة لمنصة تيك توك الشهيرة، عن إطلاق تحديث جديد لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها «دو باو 1.5 برو»، والذي يُقال إنه يتفوق على نموذج «أو1» من أوبن أيه آي في اختبارات التفكير بالذكاء الاصطناعي. يأتي هذا الإعلان في وقت تتسابق فيه الشركات الصينية، مثل ديبسيك، على تطوير نماذج قادرة على حل المشكلات المعقدة بقدرات التفكير بالذكاء الاصطناعي، بهدف منافسة اللاعبين العالميين مثل أوبن أيه آي وغيرها.
اقرأ أيضًا: خفض علي بابا سعر الذكاء الاصطناعي
دو باو 1.5 برو: تعزيز التفكير المنطقي
تمثل النسخة الجديدة «دو باو 1.5 برو» نقلة نوعية في مجال نماذج اللغة الضخمة لدى بايتدانس، حيث تسعى الشركة إلى تقديم ذكاء اصطناعي قادر على فهم الأوامر والإجابة عن أسئلة متعددة المستويات بدقة ومرونة. ويُعد هذا التحديث استجابة مباشرة لتطورات السوق العالمية، خاصة بعد الإعلان عن سلسلة نماذج «ستروبيري» من أوبن أيه آي، والجهود الكبيرة التي تبذلها شركات في الولايات المتحدة وأوروبا لإتاحة نماذج ذات قدرات التفكير بالذكاء الاصطناعي وحل مشكلات أكثر تعقيدًا.
ديبسيك وأبحاث المصدر المفتوح
في موازاة ذلك، أعلنت شركة ديبسيك عن إطلاق نموذج «ديبسيك آر1» مفتوح المصدر، والذي تدّعي أنه يضاهي أو يتفوق على أداء نموذج «أو1» التابع لأوبن أيه آي في العديد من الاختبارات القياسية. أثار هذا الإعلان انتباه خبراء الصناعة عالميًا، خصوصًا أن ديبسيك سبق أن قدمت نموذجًا حقق أداءً مفاجئًا رغم تمويل أقل من منافسيها، وقامت بتسعير خدماتها بأسعار تنافسية مقارنة بما تفرضه الشركات العالمية.
يجذب نهج «المصدر المفتوح» اهتمام المطورين والباحثين بشكل خاص، لأنه يسمح لهم بفهم آليات عمل النموذج والمساهمة في تطويره، ما قد يؤدّي إلى تحقيق إنجازات تقنية جديدة بشكل أسرع وأكثر تعاونًا.
الأسعار التنافسية وتحدي الشركات الكبرى
تسعى بايتدانس وديبسيك إلى تقديم خدمات مدعومة بالذكاء الاصطناعي برسوم أقل بكثير من تلك التي تتقاضاها الشركات العالمية. فعلى سبيل المثال، تطرح ديبسيك رسومًا بقيمة 16 يوان لكل مليون رمز، مقارنة بسعر 438 يوان لنموذج «أو1» من أوبن أيه آي. أما بايتدانس، فتعرض نسختها «دو باو 1.5 برو 32كيه» بسعر 2 يوان للمليون رمز للإخراج، وتقدم النسخة الأعلى «دو باو 1.5 برو 256كيه» بسعر 9 يوان.
هذه الاستراتيجية السعرية تضع الضغط على المنافسين الدوليين وتشجع الشركات والمؤسسات الصينية على تبني حلول محلية للذكاء الاصطناعي. وبالنظر إلى حجم السوق الصيني وإقبال مؤسساته على أتمتة عملياتها بالذكاء الاصطناعي، قد يتحول هذا المشهد إلى فرصة ذهبية لنموذج عمل قائم على تنافسية السعر والأداء.
سباق متواصل في مجال الذكاء الاصطناعي
تنضم شركات أخرى صينية مثل مونشوت إيه آي ومينيمكس وآي فلايتك إلى حلبة السباق في تقديم نماذج تفكير منطقي عالية الدقة والسرعة. هذا الزخم يعكس الطموح الكبير الذي يميز مشهد التقنية في الصين، حيث تتسابق الشركات لضخ استثمارات ضخمة في مراكز أبحاث وبنية تحتية متطورة، مدفوعةً برغبة في أن تصبح منافسًا حقيقيًا لشركات التكنولوجيا الغربية.
ويبدو أن قدرات «التفكير المنطقي» في نماذج اللغة ستكون حاسمة في التوسع نحو تطبيقات عملية أكثر تعقيدًا، مثل الحوسبة السحابية المتقدمة، والتعليم الرقمي، والتحكم الذكي في الروبوتات، وغيرها من المجالات.
التداعيات على السوق العالمي
يمكن أن تشكّل هذه التطورات تحدّيًا حقيقيًا لهيمنة أوبن أيه آي وشركات أخرى مشابهة على سوق النماذج اللغوية، خاصة إذا استمرت الشركات الصينية في تقديم نماذج عالية الجودة بأسعار منخفضة. وقد يدفع ذلك الشركات العالمية إلى إعادة تقييم سياساتها التسعيرية والاستثمارية، بما في ذلك اتجاهها نحو فتح جزء من أنظمتها أو خفض تكاليف الوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي.
ومن المحتمل أن نشهد في الفترة المقبلة سلسلة من التحالفات والاستحواذات بهدف توحيد الجهود والتقليل من فجوات البحث والتطوير. هذه المنافسة قد تؤدي في النهاية إلى خلق بيئة ابتكارية أسرع وتقديم خدمات أفضل للمستخدمين في كل مكان.